للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك على براءته، فلا يقدر أحد بعد خروجه أن يُعَيّره بتلك الرذيلة، وأن يجعلها وسيلة للطعن فيه.

ويشهد لصحة هذه الدلالة وقوتها، ما جاء في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلين من الأنصار مرَّا عليه في مُعتكفه وعنده بعض نسائه: (على رِسلكما إنما هي صفية بنت حيي) - اتقاءً للتهمة - فقالا: سبحان الله يا رسول الله وكبُر عليهما! فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً). (١)

وعليه فإن تبرئة العرض من التهم الباطلة مقصد شرعي، كما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم وقبله فِعلُ يوسف عليه السلام.

وقد جاء في السُنّة مدح يوسف على صبره على السجن، وحرصه على إبراء ساحته. (٢)


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الاعتكاف، باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد، برقم (٢٠٣٥)، (٣/ ٤٩)، وأخرجه مسلم في كتاب السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رئي خالياً بامراة وكانت زوجته، أو محرماً له أن يقول هذه فلانة ليدفع ظن السوء به، برقم (٢١٧٥)، (٤/ ١٧١٢)
(٢) قال ابن كثير: (وقد وردت السُنة بمدحه على ذلك، والتنبيه على فضله وشرفه، وعلو قدره وصبره، صلوات الله عليه، ففي المسند والصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي"). تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٩٣)، والحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الحجر: ٥٢]، برقم (٣٣٧٢)، (٤/ ١٤٧).

<<  <   >  >>