للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (ولما كان يوسف عليه السلام إنما تمكَّن من ذلك بعلو درجته وتمكنه، ورفعته بعدما كان فيه عندهم من الصغار، كان ذلك محل عجب فقال تعالى التفاتاً إلى مقام التكلم: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} أي: بالعلم كما رفعنا درجته، وكان الأصل درجاته، ولكنه عمّم؛ لأنه أدلّ على العظمة فكان أليق بمظهرها، وفي هذه الآية دليل على أنّ العلم أشرف المقامات وأعلى الدرجات؛ لأنّ الله تعالى لما هدى يوسف عليه السلام إلى هذه الحيلة مدحه لأجل ذلك، ورفع درجته على إخوته، ووصف إبراهيم - عليه السلام - بقوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام: ٨٣] عندما حكى عنه دلائل التوحيد والبراءة عن إلهية الشمس والقمر والكواكب.

ثم قال - رحمه الله -: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} قال ابن عباس: فوق كل عالمٍ عالمٌ إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى فوق كل عالم (١)؛ لأنه هو الغني بعلمه عن التعلم، وفي الآية دليل على أنّ إخوة يوسف عليه السلام كانوا علماء، وكان يوسف أعلم منهم). (٢)

هذه الآية فيها دلالتان:

الدلالة الأولى:


(١) وهو قول عكرمة وقتادة وغيرهما. ينظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/ ٤٠٢)، والدر المنثور في التفسير بالمأثورللسيوطي (٤/ ٥٦٢)
(٢) السراج المنير (٢/ ١٤٢)

<<  <   >  >>