للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرف العلم وفضل أهله، وأنه أعلى الدرجات وأرفع الرُتب.

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من هذه الآية شرف العلم، ورفعة أهله، وعلو منزلتهم في الدنيا والآخرة؛ لأنّ الله تعالى لما هدى يوسف عليه السلام إلى هذه الحيلة مدحه لأجلها، فقال: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي: مثل ذلك الكيد كدنا ليوسف خاصة؛ بأنّ علمناه إياه جزاء لهم على كيدهم بيوسف عليه السلام في بداية أمره، والمراد من هذا الكيد هو: أنّ الله تعالى ألقى في قلب إخوته أن حكَموا أنّ جزاء السارق هو أن يُسترقّ، فلما ظهر الصاع في رحله حكموا عليه بالاسترقاق، فحكموا على أنفسهم هذا الحكم الذي هو المقصود ليوسف، وصار سبباً لتمكن يوسف عليه السلام من إمساك أخيه عنده، ولو أجرى عليه حكم ملك مصر لكان له حكم آخر مختلف، ولكن الله تعالى يسَّر له ما أراد. (١)

فرفع الله درجة يوسف على إخوته بالعلم، وكان هذا العلم هو أعظم سبب في خروجه من السجن، وتقريب الملك له، وتمكينه من الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.

قال السعدي في استنباطاته لفوائد من قصة يوسف: (وفي تضاعيف القصة فضيلة العلم من وجوه كثيرة، وبيان أنه سبب الرفعة في الدنيا والآخرة، وسبب صلاح الدين والدنيا:

فيوسف صلى الله عليه وسلم لم ينل ما نال إلا بالعلم، ولهذا قال له أبوه: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: ٦]، وامتنَّ عليه وقت مُكثه عند عزيز مصر


(١) ينظر: السراج المنير (٢/ ١٤٢).

<<  <   >  >>