للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموت أتاه فقال له: يا ملك الموت هل قبضت روح ابني يوسف؟ قال لا يا نبي الله ثم أشار إلى جانب مصر، وقال: اطلبه هاهنا. (١) وثانيها: أنه عَلِم أن رؤيا يوسف صادقة، لأن أمارات الرشد والكمال كانت ظاهرة في حق يوسف، ورؤيا مثله عليه السلام لا تخطئ، وثالثها: لعلَّه تعالى أوحى إليه أنه سيوصله إليه، ولكنه تعالى ما عيَّن الوقت فلهذا بقي في القلق، ورابعها: قال السدي (٢): لما أخبره بنُوه بسيرة الملك وكمال حاله في أقواله وأفعاله، طمع أن يكون هو يوسف، وقال: يبعُد أن يظهر في الكفار مثله (٣)). (٤)

وقال أبو السعود في معناها: (أعلم من لطفه ورحمته، فأرجو أن يرحمني ويلطف بي ولا يخيب رجائي، أو أعلم وحياً أو إلهاماً من جهته ما لا تعلمون من حياة يوسف). (٥)

ويؤيد هذا الاستنباط قوله تعالى بعدها {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ} [يوسف: ٨٧] لما جاءه ملك الموت - كما تقدم إن صحّ - فسأله عن قبض روح


(١) ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (٢/ ٦٢٩)، وزاد المسير لابن الجوزي (٢/ ٤٦٦)
(٢) هو إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة الهاشمي السدي، أبو محمد الحجازي الكوفي الإمام المفسر، صاحب التفسير، روى عن ابن عباس وأنس وطائفة، مات سنة ١٢٧ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٦٤، وطبقات المفسرين للداودي ص ٧٩.
(٣) أخرج الطبري عن السدي قال: (لما أخبروه بدعاء الملك، أحسَّت نفس يعقوب وقال: ما يكون في الأرض صِدّيق إلا نبي! فطمع قال: لعله يوسف). جامع البيان (١٦/ ٢٢٧) رقم الأثر (١٩٧١٦)، وينظر: زاد المسير (٢/ ٤٦٦)
(٤) التفسير الكبير (١٨/ ٥٠٠)
(٥) إرشاد العقل السليم (٤/ ٣٠٢)

<<  <   >  >>