للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه فائدة حسنة؛ إذ لو لم ينصّ على {مِنْ فَوْقِهِمْ} لما أفادت هذا المعنى، وتطرَّق الاحتمال لخرِّ السقف عليهم من وجوه كثيرة، والله تعالى أعلم.

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٤٩ - ٥٠]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أي: من الطاعة والتدبير، وفي ذلك دليل على أنّ الملائكة مُكلفون، مُدارون على الأمر والنهي، والوعد والوعيد، كسائر المكلفين، وأنهم بين الخوف والرجاء، وأنهم معصومون من الذنوب؛ لأنّ قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} يدل على أنهم منقادون لخالقهم وأنهم ما خالفوا في

أمر من الأمور، كما قال تعالى: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} ([الأنبياء: ٢٧]. (١)

هذه الآية فيها دلالتان:

الدلالة الأولى:

تكليف الملائكة، وأنهم بين الخوف والرجاء.

وجه الاستنباط:

أنه تعالى أخبر عن الملائكة أنهم يخافون ربهم ويفعلون ما يؤمرون، والخوف نوع من التكاليف الشرعية، وبه علَّل تخصيصهم بالسجود. (٢)

الدراسة:


(١) ينظر: السراج المنير (٢/ ٢٣٥)
(٢) ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٤٠٨)

<<  <   >  >>