للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الدلالة من الآية نصَّ عليها جمهور المفسرين كالسمعاني، والزمخشري، ومحمود النيسابوري، والرازي، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، وأبو حيان، والبقاعي، والسيوطي، والشوكاني، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم. (١)

وقد أشار ابن عاشورإلى فائدة أخرى لهذا التنكير فقال: (في ذلك إيماء إلى أنه إسراء خارق للعادة لقطع المسافة التي بين مبدأ السير ونهايته في بعض ليلة، وأيضاً ليتوسل بذكر الليل إلى تنكيره المفيد للتعظيم. فتنكير ليلاً للتعظيم، بقرينة الاعتناء بذكره مع علمه من فعل أسرى، وبقرينة عدم تعريفه، أي هو ليل عظيم باعتبار جعله زمناً لذلك السرى العظيم، فقام التنكير هنا مقام ما يدل على التعظيم. ألا ترى كيف احتيج إلى الدلالة على التعظيم بصيغة خاصة في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: ١ - ٢] إذ وقعت ليلة القدر غير منكرة) (٢).

ولا مانع من الجمع بينهما؛ إذ جاء التنكير في لفظ الليل للدلالة على تعظيمه، وإفادة معنى البضعية في جزء منه، كما نصَّ عليه الخطيب، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: تفسير السمعاني (٣/ ٢١٣)، والكشاف (٢/ ٦٤٦)، وإيجاز البيان عن معاني القرآن (٢/ ٤٩٣)، والتفسير الكبير (٢٠/ ٢٩٢)، وأنوار التنزيل (٣/ ٢٤٧)، ومدارك التنزيل (٢/ ٢٤٤)، ولباب التأويل (٣/ ١٠٩)، والبحر المحيط (٧/ ٩)، ونظم الدرر (١١/ ٢٨٩)، وتفسير الجلالين (١/ ٣٦٤)، وفتح القدير (٣/ ٢٤٦)، ومحاسن التأويل (٦/ ٤٢٧): التحرير والتنوير (١٥/ ١١).
(٢) التحرير والتنوير (١٥/ ١١)

<<  <   >  >>