للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصَّ على ذلك: الواحدي، والسمعاني، والكيا الهراسي، والبغوي، والقرطبي، والبيضاوي، وابن جزي، والخازن، والسيوطي، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم. (١)

وهذا ما عليه أهل السنة، أن التكليف لا يلزم العباد إلا من الشرع، لا من مجرد العقل كما زعمت المعتزلة (٢)، وفي المسألة خلاف مشهور للأصوليين (٣)، والراجح فيها أنه لا حكم ولا تكليف قبل ورود الشرع (٤) بدلالة هذه الآية، وغيرها من الآيات الكثيرة التي تشهد لهذا المعنى كقوله تعالى {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] وقوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [الملك: ٨]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى لا يعذب قوماً عذاب استئصال، ولا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسل.

قال القرطبي: (في هذا دليل على أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع، خلافاً للمعتزلة القائلين بأن العقل يقبح ويحسن ويبيح ويحظر). (٥)


(١) ينظر: الوسيط (٣/ ١٠١)، وتفسير السمعاني (٣/ ٢٢٦)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٢٤٩)، ومعالم التنزيل (٣/ ١٢٤)، والجامع لأحكام القرآن (١٠/ ٢٣١)، وأنوار التنزيل (٣/ ٢٥٠)، والتسهيل (١/ ٤٤٣)، ولباب التأويل (٣/ ١٢٥)، والإكليل (١/ ١٦٦)، وروح المعاني (٨/ ٣٨)، والتحرير والتنوير (١٥/ ٥٢).
(٢) ينظر: الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (٢/ ٧٣٥)، ومدارج السالكين (١/ ٢٣٤).
(٣) ينظر: المنخول للغزالي (١/ ٧٦)، والمحصول للرازي (١/ ١٣٩)، والإحكام للآمدي (١/ ٧٩).
(٤) قال الإمام النووي: (هذا هو الصحيح عند محققي الأصوليين لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: ١٥).) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٠١)، وينظر: فتح الباري (١٣/ ٢٦١).
(٥) الجامع لأحكام القرآن (١٠/ ٢٣١).

<<  <   >  >>