للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة:

استنبط الخطيب من هذه الآية بدلالة النصّ عِظَم الوصاية ببر الوالدين والإحسان إليهما، وأن هذه الطاعة من أصول الطاعات التي تفيد سعادة الآخرة، لأنه تعالى أتبع الكلام عن السعي المشكور في الآخرة بقوله {وَقَضَى رَبُّكَ}، فجعل البر بالوالدين من جملة الأعمال التي يفوز بها العبد في الآخرة.

وجعل الإحسان إلى الأبوين قريناً لتوحيد الله وعبادته تأكيداً لحقهما والعناية بشأنهما، كما قرن سبحانه في آية أخرى شكرهما بشكره فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤]، فإن شكرهما يدعو إلى شكر الله المقرب إليه.

ثم خصَّ سبحانه حالة الكِبَر بالذكر لكونها إلى البر من الولد أحوج من غيرها (١)، ونهى عن أدنى كلمة يمكن أن تنفلت في حال التضجر فقال: (ولا تقل لهما أف ولاتنهرهما).

قال القاسمي: (أوصى سبحانه بالإحسان إلى الوالدين، إثر تصدير ما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق وأعظمها، تنبيهاً على جلالة شأن الوالدين بنظمها في سلكها بقول {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل العزيز كقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤]). (٢)

وقدّم تعالى ذكرهما فقال {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ولم يقل وإحساناً بالوالدين وهذا يدل أيضاً على شدّة الاهتمام بهما.


(١) ينظر: فتح القدير للشوكاني (٣/ ٢٥٩)
(٢) محاسن التأويل (٣/ ١٠٣)

<<  <   >  >>