للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبالغة في تعظيم طاعة الوالدين والإحسان إليهما.

قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: ٢٣].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (لفظ الآية يدل على معانٍ كثيرة كل واحد منها يوجب المبالغة في الإحسان إلى الوالدين منها: أنه تعالى قال في الآية المتقدمة: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} ثم أردفه بهذه الآية المشتملة على الأعمال التي بواسطتها يحصل الفوز بسعادة الآخرة، وجعل من جملتها البر بالوالدين، وذلك يدل على أنّ هذه الطاعة من أصول الطاعات التي تفيد سعادة الآخرة.

ومنها: أنه تعالى بدأ بذكر الأمر بالتوحيد، وثنَّى بطاعة الله تعالى، وثلَّث ببر الوالدين، وهذه درجة عالية، ومبالغة عظيمة في تعظيم هذه الطاعة.

ومنها: أنه تعالى لم يقل: وإحساناً بالوالدين بل قال {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} فتقديم ذكرهما يدل على شدّة الاهتمام بهما.

ومنها: أنه تعالى قال: {إِحْسَانًا} بلفظ التنكير، والتنكير يدل على التعظيم، أي: إحساناً عظيماً كاملاً لأنّ إحسانهما إليك قد بلغ الغاية العظيمة، فوجب أن يكون إحسانك إليهما كذلك، ثم على جميع التقديرات لا تحصل المكافأة؛ لأن إنعامهما عليك على سبيل الابتداء. (١)


(١) السراج المنير (٢/ ٣٢٧)

<<  <   >  >>