للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعف العبد وعجزه، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر.

قال الله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: ٣٧]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله - في قوله: ({وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} أي: بتطاولك، وهو تهكم بالمختال لأنّ الاختيال حماقة مجردة لا تفيد شيئاً ليس في التذلل، وفي ذلك إشارة إلى أنّ العبد ضعيف لا يقدر على خرق أرض، ولا وصول إلى جبال، فهو محاط به من فوقه ومن تحته بنوعين من الجمادات، وهو أضعف منهما بكثير، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فائدة قوله تعالى {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} وهي الإشارة إلى ضعف العبد وعجزه، وأنه مهما بلغ من القوة والشدة، إلا أنه ضعيف لا يقدر على خرق أرض، ولا وصول إلى جبال، فهو محاط محصور، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر.

والخطاب في الآية جاء على سبيل التغليظ، والمقصود منه: التهكم بالمختال، والتشنيع بهذا الفعل (٢)، أي: فاعرف قدرك، ولا تتكبر. (٣) فإذا كنت لا تستوي


(١) السراج المنير (٢/ ٣٤٠).
(٢) ينظر: أنوار التنزيل (٣/ ٢٥٥)، ومدارك التنزيل (٢/ ٢٥٧)، وإرشاد العقل السليم (٥/ ١٧٢)، وروح البيان لحقي (٥/ ١٥٩)، ومحاسن التأويل (٦/ ٤٦١).
(٣) ينظر: أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ١٥٦).

<<  <   >  >>