للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فوائد الاستفهام من الخبير سبحانه بقوله {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى}، ومعلوم أنه لم يُرد بذلك إعلام الله تعالى؛ لأنه سبحانه أعلم بذلك منه، ولكنه جاء على وجه التقرير له والتنبيه على أن الذي في يده عصا لتقع المعجزة بها بعد التأمل فيها والتَّثبت منها، فأجاب موسى بذكر منافع العصا إقراراً منه بالنعمة فيها، واعتداداً بمنافعها والتزاماً لما يجب عليه من الشكر له سبحانه. (١)

وهي فائدة حسنة، نصَّ عليها جمهور المفسرين كالطبري، والجصاص، والزجاج، والسمرقندي، والسمعاني، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية (٢) والرازي، والقرطبي، والنسفي (٣)، وابن جزي، والخازن، وأبو حيان، وأبو السعود، وابن عاشور، وغيرهم. (٤)

ولعل من الحكمة في سؤاله أيضاً إزالة الوحشة عنه، لأن موسى كان خائفاً مستوحشاً أخذته هيبة المقام عند سماع الخطاب فسأله لِيَسكُن بعض ما به وتزول


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٥٢)
(٢) قال ابن عطية: ({وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} تقرير مضمنه التنبيه وجمع النفس لتلقي ما يورد عليها، وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل). المحرر الوجيز (٤/ ٤٠)
(٣) قال: (والسؤال للتنبيه لتقع المعجزة بها بعد التثبت، أو للتوطين لئلا يهول انقلابها حية، أو للإيناس ورفع الهيبة للمكالمة). مدارك التنزيل (٢/ ٣٦٠)
(٤) ينظر: جامع البيان (١٨/ ٢٩٢)، وأحكام القرآن (٥/ ٥٢)، ومعاني القرآن وإعرابه (٣/ ٣٥٤)، وبحر العلوم (٢/ ٣٩٢)، وتفسير السمعاني (٣/ ٣٢٥)، ومعالم التنزيل (٣/ ٢٥٨)، وأحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٢٥٧)، والمحرر الوجيز (٤/ ٤٠)، والتفسير الكبير (٢٢/ ٢٤)، والجامع لأحكام القرآن (١١/ ١٨٦)، ومدارك التنزيل (٢/ ٣٦٠)، والتسهيل (٢/ ٦)، ولباب التأويل (٣/ ٢٠٢)، والبحر المحيط (٧/ ٣٢١)، وإرشاد العقل السليم (٦/ ١٠)، والتحرير والتنوير (١٦/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>