للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهبطون مسرعين (١)، وفي هذا الحدب إشارة إلى كروية الأرض، أي أنها منضمٌ بعضها إلى بعض مدرمحة كالكرة، ومعلوم أن من الأدلة على كروية الأرض ظهور أعالي الأشياء قبل أسافلها، واختفاء أسافلها قبل أعاليها، واستدارة الأفق واتساعه تبعًا للارتفاع. (٢)

قال الراغب: (يجوز أن يكون الأصل في الحدب حدب الظهر، وهو خروجه ودخول الصدر والبطن، ثم شُبِّه به ما ارتفع من الأرض فسمي حدباً، ومنه محدب الفلك). (٣)

وقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن " الفلك " هو المستدير (٤)، قال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}. قال ابن عباس وغيره من السلف: في فلكة مثل فلكة المغزل (٥)، وهذا صريح بالاستدارة

والدوران (٦)، وقال تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} وهذا بيان واضح في تكوير بعضها على بعض. (٧)


(١) ينظر: التفسير الوسيط (٣/ ٢٥٢)، وتفسير القرآن العظيم (٥/ ٣٧٢)
(٢) ينظر: قواعد الجغرافيا العامة الطبيعية والبشرية لجودة حسنين وفتحي أبو عيانة (١/ ٣١)
(٣) نقله عنه حقي في روح البيان (٥/ ٥٢٣)، ولم أقف عليه عند الراغب.
(٤) نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على ذلك في عدة كتب منها " الرسالة العرشية " (١/ ١٤)، ودرء تعارض النقل والعقل (٧/ ٣)، و" رسالة في الهلال " من مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٩٥)، وحكى الإجماع على ذلك ابن حزم في الفصل في الملل والنحل (٢/ ٧٨)
(٥) ينظر: جامع البيان (١٨/ ٤٣٨)
(٦) وأصل ذلك أن الفلك في اللغة هو: الشيء المستدير، من ذلك فلكة المغزل بفتح الفاء، سميت لاستدارتها ; ويقال: فلك ثدي الجارية إذا استدار. ينظر: الصحاح (٤/ ١٦٠٤)، ومقاييس اللغة (٤/ ٤٥٢) مادة (فلك).
(٧) ينظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٥٨٧)

<<  <   >  >>