للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمرين: الأول: أن القذف من جملة الكبائر؛ لأن اسم الفسق لا يقع إلا على صاحب الكبيرة. الثاني: أنه اسم لمن يستحق العقاب لأنه لو كان مشتقاً من فِعله لكانت التوبة لا تمنع من دوامه). (١)

وقال السعدي موافقاً الخطيب في هذه الدلالة: ({وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أي: الخارجون عن طاعة الله، الذين قد كثر شرهم، وذلك لانتهاك ما حرم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأُخوة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب). (٢)

وهي دلالة صحيحة واستنباطها من الآية ظاهر؛ فقذف المسلم كبيرة من الكبائر، بل موبقة من الموبقات السبع، بدلالة هذه الآية وغيرها، وبما جاء في السنة قال صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها: وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" (٣)،

فالقذف من موجبات الحدود، وكل ما يوجب الحدَّ كبيرة، فمن قذف مسلماً حراً بالغاً عاقلاً عفيفاً فقد استحق حد القذف، وصدق عليه وصف الفسق (٤) بدلالة هذه الآية، والله تعالى أعلم.


(١) التفسير الكبير (٢٣/ ٣٢٩)
(٢) تيسير الكريم الرحمن (١/ ٥٦٢)
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم (١٤٥) (١/ ٩٢).
(٤) ينظر: نهاية المطلب للجويني (١٨/ ٦٠٣)، وروضة الطالبين للنووي (١٠/ ١٠٦).

<<  <   >  >>