للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم النسخ في هذه الآية:

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: ٥٨].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ( .. {وَاللَّهُ} أي: الذي له الإحاطة العامة بكل شيء {عَلِيمٌ} بكل شيء {حَكِيمٌ} فيما يريده، فلا يقدر أحد على نقضه، وختم الآية بهذا الوصف يدل على أنها محكمة لم تنسخ). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية أنها محكمة لم تنسخ، يدلُّ له ختمُها بقوله {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} أي بياناً مقروناً بحكمته، ليتأكد ويتقوى ويُعرف به رحمة شارعه وحكمته، ولهذا قال: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فله العلم المحيط بكل شيء، والحكمة التي وَضَعت كل شيء موضعه، فأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، وأعطى كل حكم شرعي حكمه اللائق به، ومنه هذه الأحكام التي بيَّنها (٢)، فختمُها بهذا الوصف يُشعِر أنها محكمة ليست منسوخة؛ والله تعالى أحكم وأعلم بخلقه.

وإنما شرع الاستئذان ولم يكن للقوم يومئذٍ ستور ولا حجاب، فكان الوِلدان والخدم يدخلون على أهليهم، فربما يرون منهم ما لا يحبون فأُمروا بالاستئذان، أمَا


(١) السراج المنير (٢/ ٧٠٣)
(٢) ينظر: تيسير الكريم الرحمن للسعدي (١/ ٥٧٤).

<<  <   >  >>