للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بسط الله الرزق واتخذ الناس الستور والدور، أغنى ذلك عن الاستئذان، لكن لو عادت الحال لعاد الوجوب، فهو سبحانه بحكمته في جميع أفعاله يشرع لعباده ما فيه صلاح أمر معاشهم ومعادهم.

وممن استنبط هذه الإشارة من الآية: ابن كثير، وغيره. (١)

قال ابن عطية: (أما أمر الاستئذان فإن تغيير المباني والحجُب أغنت عن كثير من الاستئذان، وصيَّرته على حد آخر، وأين أبواب المنازل اليوم من مواضع النوم، وقد ذُكر عن ابن عباس أنه قال: كان العمل بهذه الآية واجباً إذ كانوا لا غلق ولا أبواب، ولو عادت الحال لعاد الوجوب. - إلى أن قال-: فهي الآن واجبة في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحارى ونحوها). (٢)

وعلى هذا فليس في الآية نسخ (٣)، وإنما محمل هذا القول أن الحُكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيكون الأمر على حاله، ولكن حينما انتفت العلة لم يكن للاستئذان محل. (٤)

قال ابن العربي عن النسخ في هذه الآية: (وهذا ضعيف جداً بما بيَّناه في غير موضع من أن شروط النسخ لم تجتمع فيه، من المعارضة، ومن التقدم والتأخر، فكيف يصح لناظرٍ أن يحكم به؟) (٥)


(١) قال - رحمه الله -: ومما يدل على أنها محكمة لم تنسخ قوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. تفسير القرآن العظيم (٦/ ٨٣)
(٢) المحرر الوجيز (٤/ ١٩٣) بتصرف يسير.
(٣) ينظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد بن سلام (١/ ٢١٩)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (١/ ٥٩٤)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (٢/ ٥٢٢)
(٤) ينظر: أسنى المطالب لأبي يحي السنيكي (٣/ ١٠٥)، وشرح القواعد الفقهية لأحمد بن الشيخ محمد الزرقا (١/ ٤٨٣)
(٥) أحكام القرآن (٣/ ٤١٤)

<<  <   >  >>