للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الدلالة مما قرّره أهل اللغة والبلاغة أن مجيء المضارع للدلالة على الحال والاستقبال، يفيد التجدد والحدوث، وأن هذا الحدث مستمر الوجود، ولم يمض. (١)

وقد جاء هذا الأسلوب عطف الماضي على المستقبل كثيراً في القرآن، ولا يكون ذلك إلا لمنحى بلاغي، إذ لا يقع ما ليس بليغاً في كلام الله عز وجل، وقد أشار كثير من المفسرين وأهل اللغة إلى آيات كثيرة من هذا النمط، وبينوا وجوه البلاغة والبيان فيها.

ومن أمثلة هذا التحول في السياق القرآني للدلالة على التجدد والاستمرار للحدث قوله تعالى في شأن فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}، وقد ينعكس فيعطف المضارع على الماضي أيضاً لبيان ذات الغرض وهو الحدوث والاستمرار، كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: ٢٨]. (٢)

وهذه دلالة صحيحة يشهد لها تكرار هذا التحول في السياق القرآني كثيراً في القرآن، لهذا الغرض وأغراض أخرى نبَّه عليها أهل اللغة (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير (٢/ ١٤٦ وما بعدها).
(٢) ينظر أمثلة عطف الماضي على المضارع وعكسه في المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر (٢/ ١٤٨).
(٣) ينظر: البلاغة العربية لعبد الرحمن حبنكة الميداني (١/ ٢١٧)، والنحو الوافي لعباس حسن (٣/ ٦٤٢)، وتوضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (٢/ ١٠٣٣).

<<  <   >  >>