للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا قول قتادة: ودَّ لو أنه لو طلَّقها زيد، وكذا قول غيرهما: كان في قلبه لو فارقها زيد تزوجها (١)). (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها بالنص على أنه صلى الله عليه وسلم ما أخفى غير ما أعلمه الله تعالى من أن زينب ستصير زوجته بعد طلاق زيد؛ لأن الله تعالى ما أبدى غير ذلك، فأخبره أنها ستكون من أزواجه وأن زيداً سيطلقها، فلما جاءه زيدٌ يريد طلاقها قال له: أمسك عليك زوجك، فعاتبه الله تعالى بقوله: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} وهذا هو الأولى والأليق بحال الأنبياء عليهم السلام وظاهر السياق (٣)؛ فالله تعالى أعلمه أنه يبدي ويظهر ما أخفاه، ولم يظهر سبحانه غير تزويجها منه فقال تعالى «زوجناكها» فلو كان الذي أضمره رسول الله صلى الله عليه وسلم محبتها أو إرادة طلاقها - كما قاله بعض المفسرين - لكان تعالى أظهر ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يخبر أنه يظهره ثم يكتمه ولا يظهره، فدلَّ على أنه إنما


(١) وهذه الروايات كلها ضعيفة الأسانيد؛ والصحيح منها ما روي عن عائشة أنها قالت: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً من الوحي شيئاً لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] وما روى سفيان بن عيينة عن علي بن زيد قال: قال لي علي بن الحسين ما كان الحسين يقول في قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} قال: قلت: كان يقول: إنها كانت تعجبه، وإنه قال لزيد: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال: لا، ولكن الله أعلم نبيه أن زينب ستكون من أزواجه، فلما جاءه زيد يشكو منها قال له: (اتق الله وأمسك عليك زوجك). ينظر: تفسير عبد الرزاق (٣/ ٤١)، وجامع البيان للطبري (٢٠/ ٢٧٤)
قال ابن كثير - رحمه الله -: (ذكر ابن جرير، وابن أبي حاتم هاهنا آثارا عن بعض السلف، رضي الله عنهم، أحببنا أن نضرب عنها صفحاً لعدم صحتها فلا نوردها). تفسير القرآن العظيم (٦/ ٤٢٤)
(٢) السراج المنير (٣/ ٣١٤)
(٣) ينظر: تفسير السمعاني (٤/ ٢٨٧) ولباب التأويل للخازن (٣/ ٤٢٧)

<<  <   >  >>