للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُوتب على إخفاء ما أعلمه الله أنها ستكون زوجته، وإنما أخفى ذلك استحياء أن يخبر زيداً أن التي تحتك وفي نكاحك ستكون زوجتي. (١)

قال ابن العربي: ({وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} يعني من نكاحك لها، وهو الذي أبداه لا سواه. وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى إذ أوحى إليه أنها زوجته لا بد من وجود هذا الخبر وظهوره؛ لأن الذي يخبر الله عنه أنه كائن، لا بد أن يكون لوجوب صدقه في خبره، وهذا يدلك على براءته من كل ما ذكره متسور من المفسرين، مقصور على علوم الدين). (٢)

وممن استنبط هذه الدلالة من معنى الآية: السمعاني، وابن العربي، والقرطبي، والخازن، والقاسمي، والشنقيطي، وغيرهم. (٣)

وهي دلالة صحيحة قوية الظهور، أما قولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم رآها فوقعت في قلبه فضعيف، ولا يليق بحق النبي صلى الله عليه وسلم وفضله، فكيف يقال رآها فأعجبته وهي بنت عمته، ولم يزل يراها منذ ولدت، ولم يكن حينئذ حجاب، وهو صلى الله عليه وسلم زوَّجها لزيد، فكيف تنشأ معه ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج، وقد وهبته نفسها، وكرهت غيره، فلم تخطر بباله، فكيف يتجدد له هوىً لم يكن!

فلا يُشك في تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يأمر زيداً بإمساكها، وهو يحب تطليقه إياها (٤)


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٣٠)، ولباب التأويل للخازن (٣/ ٤٢٧)
(٢) أحكام القرآن (٣/ ٥٧٨)
(٣) ينظر: تفسير السمعاني (٤/ ٢٨٧)، وأحكام القرآن (٣/ ٥٧٨)، والجامع لأحكام القرآن (١٤/ ١٩٠)، ولباب التأويل (٣/ ٤٢٧) محاسن التأويل (٨/ ٨٢)
(٤) ينظر: لباب التأويل للخازن (٣/ ٤٢٧)

<<  <   >  >>