للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية غيرالبغوي: السمعاني، وابن عطية، والرازي، والخازن، وحقي، وغيرهم. (١)

قال السمعاني: (في الآية دليل على أن الطلاق لا يجوز قبل النكاح؛ لأنه رتَّب الطلاق على النكاح، فدلَّ على أنه لا يتقدمه). (٢)

وهذا ما عليه الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: يقع مطلقاً؛ لأنه تطليق عند وجود الشرط، وقال مالك: إن عيَّن امرأة بعينها أو من قبيلة أو من بلد فتزوجها وقع الطلاق، وإن عمَّ فقال: كل امرأة أتزوجها من الناس كلهم لم يلزمه شئ. (٣)

والراجح أن الطلاق لا يكون إلا بعد نكاح (٤)؛ لأنه حل قيد النكاح، فقبل النكاح لا طلاق، وكما قيل: إنما النكاح عقدة، والطلاق يحلُّها، فكيف تُحل عقدة لم تُعقد؟.

وتؤيده الآية الكريمة، وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك» (٥)، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: تفسير السمعاني (٤/ ٢٩٤)، والمحرر الوجيز (٤/ ٣٩٠)، والتفسير الكبير (٢٥/ ١٧٥)، ولباب التأويل في معاني التنزيل (٣/ ٤٣٠)، وروح البيان (٧/ ٢٠١)
(٢) تفسير السمعاني (٤/ ٢٩٤)
(٣) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٥٨٣)، والمهذب (٣/ ٤١)، والكافي في فقه الإمام أحمد (٣/ ١٣٨)، والمغني (٧/ ٣٤٦)، والمحلى بالآثار لابن حزم (٩/ ٤٦٩)
(٤) وهذا هو ما عليه الجمهور من الصحابة والتابعين، وقد عدَّ البخاري منهم اثنين وعشرين في باب (لا طلاق قبل النكاح) وهو منقول عن ابن عباس، فالذي ذهب إليه الشافعية والحنابلة هو الراجح الذي دلَّ عليه الدليل الصحيح. ينظر: فتح الباري لابن حجر (٩/ ٣٨٢)، والشرح الممتع لابن عثيمين (١٢/ ٤٩٥)
(٥) أخرجه الترمذي في سننه باب لا طلاق قبل نكاح، برقم (١١٨١)، (٣/ ٤٧٨)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (٦/ ١٧٣)

<<  <   >  >>