للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الجصاص، والسمعاني، والرازي، والبيضاوي، والمظهري، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم. (١)

قال السمعاني: (ويُستدل بهذه الآية في وجوب الصلاة على النبي إذا صلَّى، على ما هو مذهب الشافعي، ووجه الاستدلال: أن الله تعالى أمرنا بالصلاة على النبي، وأولى موضع بوجوب الصلاة فيه هو الصلاة، فوجب في الصلاة أن يصلي على رسول الله). (٢)

وعلى هذا فالآية دالة على وجوب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في الجملة، وقد اتفق العلماء على وجوبها، ثم اختلفوا في حال الوجوب، فقيل: تجب في العمر مرة، وقيل: تجب في كل صلاة في التشهد الأخير (٣)، وقيل: تجب الصلاة كلما جرى ذِكره، فالصلاة عليه في كل حين من الواجبات، وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها (٤)، ولا يُغفلها إلا من لا خير فيه. (٥)

قال ابن عاشور مؤيداً دلالة هذه الآية على الوجوب: (وظاهر صيغة الأمر مع قرينة السياق يقتضي وجوب أن يصلي المؤمن على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان مجملاً في العدد فمحمله محمل الأمر المجمل أن يفيد المرة، لأنها ضرورية لإيقاع الفعل


(١) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٤٣)، وتفسير السمعاني (٤/ ٣٠٤)، والتفسير الكبير (٢٥/ ١٨٢)، وأنوار التنزيل (٤/ ٢٣٨)، التفسير المظهري (٧/ ٣٧٥)، ومحاسن التأويل (٨/ ١٠٧)، والتحرير والتنوير (٢٢/ ٩٨).
(٢) تفسير السمعاني (٤/ ٣٠٤)
(٣) وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد كما تقدم توثيقه.
(٤) لقوله صلى الله عليه وسلم " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي" أخرجه الترمذي في سننه (٥/ ٥٥٠) برقم (٣٥٤٥)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في تحقيق فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للجهضمي (١/ ٣١) برقم (١٦)، وفي مشكاة المصابيح (١/ ٢٩٢) برقم (٩٢٧)
(٥) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٤/ ٢٣٢)

<<  <   >  >>