للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاسمي: (دلَّ قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} الآية على تقدم يمين منه عليه السلام، وقد رووا هنا آثاراً في المحلوف عليه، لم يصح منها شيء، فالله أعلم به ولا ضرورة لبيانه؛ إذ القصد الإعلام برحمة أخرى ونعمة ثانية عليه، صلوات الله عليه. وهي الدلالة إلى المخرج من الحنث، برخصة وطريقة سهلة سمحة ترفع الحرج). (١)

وممن أشار إلى هذه الدلالة من الآية: الرازي، والقاسمي، وغيرهما. (٢)

قال الكيا الهراسي: (ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أن من فعل ذلك فقد برَّ في يمينه (٣)، وخالف مالك ورآه خاصاً بأيوب عليه السلام). (٤)

والظاهر أنها خاصة بأيوب - عليه السلام - فإن الله تعالى أرخص له رفقاً بامرأته (٥)، لبِرّها به وإحسانها إليه، ليجمع له بين بِره في يمينه ورفقه بامرأته، ولذلك امتنَّ عليه بهذا، وذكره في جملة ما منَّ عليه به، فيختص هذا به كاختصاصه بما ذُكر معه، ولو كان هذا الحكم عاماً لكل واحد لما اختص أيوب بالمنة عليه. (٦)

ودلالة هذه الآية على تقدم يمين من أيوب، دلالة صحيحة، في غاية الظهور، والله تعالى أعلم.


(١) محاسن التأويل (٨/ ٢٦٤).
(٢) ينظر: التفسير الكبير (٢٦/ ٣٩٩)، ومحاسن التأويل (٨/ ٢٦٤).
(٣) ينظر: الأم (٧/ ٨٥)، والمجموع شرح المهذب (١٨/ ٨٠) ومغني المحتاج للخطيب الشربيني (٦/ ٢٢١)
(٤) أحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٣٦١)، وينظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٧١)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/ ٢١٣).
(٥) ينظر: تفسير عبد الرزاق (٣/ ١٢٣)، والتفسير الوسيط للواحدي (٣/ ٥٥٨).
(٦) قال ابن كثير: وقد استدل كثير من الفقهاء بهذه الآية الكريمة على مسائل في الأيمان وغيرها وأخذوها بمقتضاها ومنعت طائفة أخرى من الفقهاء من ذلك، وقالوا: لم يثبت أن الكفارة كانت مشروعة في شرع أيوب عليه السلام فلذلك رُخص له في ذلك، وقد أغنى الله هذه الأمة بالكفارة. تفسير القرآن العظيم (٧/ ٧٦)، وينظر: المغني لابن قدامة (٩/ ٦١٤).

<<  <   >  >>