للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم غواية إبليس ليوسف عليه السلام، وتكذيب ما نُسب إليه من القبائح.

قال الله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٣].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قيل إن غرض إبليس من هذا الاستثناء أنه لا يقع في كلامه الكذب؛ لأنه لو لم يَذكُر هذا الاستثناء، وادَّعى أنه يغوي الكل لظهر كذبه حين يعجز عن إغواء عباد الله تعالى المخلصين، وعند هذا يقال: إن الكذب شيء يستنكف منه إبليس فليس يليق بالمسلم، وهذا يدل على أن إبليس لا يغوي عباد الله تعالى المخلصين، وقد قال تعالى في صفة يوسف عليه السلام {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: ٢٤]، فتحصل من مجموع الآيتين أن إبليس ما أغوى يوسف عليه السلام وما نُسب إليه من القبائح كذب وافتراء). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة الجمع بين الآيات أن إبليس ما أغوى يوسف عليه السلام وما نُسب إليه - عليه السلام - من الفاحشة والقبائح كذب وافتراء؛ لأن إبليس أقرَّ بطهارته، فقال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢، ٨٣] فاعترف بأنه لا يمكنه إغواء المخلصين، ويوسف - عليه السلام - من المخلصين بشهادة الله تعالى، فقد وصفه سبحانه بقوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}، فكان هذا إقراراً من إبليس بأنه ما أغواه وما أضله عن الهدى، فدلَّ على كونه منزهاً عما افترى عليه الجهلة ونسبوه إليه.


(١) السراج المنير (٣/ ٥١٢).

<<  <   >  >>