للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن أشار لهذه الدلالة من مجموع الآيتين: الرازي، والخازن، والشهاب الخفاجي، وحقي، والألوسي، والقاسمي، وغيرهم. (١)

قال ابن القيم - رحمه الله – عن يوسف عليه السلام: (قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فلمَّا أخلص لربه صَرف عنه دواعي السوء والفحشاء، فانصرف عنه السوء والفحشاء، ولهذا لما علِم إبليس أنه لا سبيل له على أهل الإخلاص استثناهم من شريطته التي اشترطها للغواية والإهلاك فقال {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} فالإخلاص هو سبيل الخلاص) (٢). (٣)

فتحصَّل من مجموع هاتين الآيتين أن إبليس ما أغوى يوسف عليه السلام، وهذا دليل براءته، كيف وهو عليه السلام من عباد الله تعالى المخلصين بشهادة الله تعالى، وقد استثناهم من عموم {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.


(١) ينظر: التفسير الكبير (٢٦/ ٤١٥)، ولباب التأويل (٢/ ٥٢٢)، وحاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (٥/ ١٦٨)، وروح البيان (٤/ ٢٣٨)، وروح المعاني (٦/ ٤٠٦)، ومحاسن التأويل (٦/ ١٦٩).
(٢) قال ابن تيمية - رحمه الله -: (فأهل الإخلاص كما قال الله تعالى في حق يوسف عليه السلام {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فامرأة العزيز كانت مشركة فوقعت مع تزوجها فيما وقعت فيه من السوء، ويوسف عليه السلام مع عزوبته ومراودتها له، واستعانتها عليه بالنسوة وعقوبتها له بالحبس على العفة عَصَمه الله بإخلاصه لله، تحقيقا لقوله: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} و " الغي " هو اتباع الهوى). مجموع الفتاوى (١٥/ ٤٢١).
(٣) مفتاح دار السعادة (١/ ٧٢)، وينظر: بدائع الفوائد (٢/ ٢٤١).

<<  <   >  >>