للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشاركة في الإيمان توجب النصح والشفقة وإن اختلفت الأجناس.

قال الله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: ٧].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (وفي ذلك تنبيه على أن الاشتراك في الإيمان يجب أن يكون أدعى شيء إلى النصيحة، وأبعث على إمحاض الشفقة، وإن تفاوتت الأجناس وتباعدت الأماكن، فإنه لا تجانس بين ملَك وإنسان ولا بين سماوي وأرضي قط، ولكن لما جاء جامع الإيمان جاء معه التجانس الكلي والتناسب الحقيقي، حتى

استغفر من حول العرش لمن فوق الأرض، قال تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥]). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية دلالتها باللازم على كون المشاركة في الإيمان توجب النصح والشفقة، وإن اختلفت الأجناس؛ لأنها أقوى الروابط كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فإنه لا تجانس بين الملك والإنسان، ولكن لما جمعهم جامع الإيمان جاء التجانس، فاستغفر من حول العرش لمن فوق الأرض، وهذا من كمال رحمته سبحانه.

فجاء التنبيه للمؤمنين في هذه الآية أن يكونوا أشفق وأنصح لبعضهم من بني جنسهم كما هو حال الملائكة مع بني آدم، فإن الأُخوة في الدين من أوثق عرى الإيمان وأشرف الروابط.


(١) السراج المنير (٣/ ٥٦٤).

<<  <   >  >>