للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي عليه أهل السنة والجماعة إثبات صفات الله تعالى كما جاءت، من غير تأويل، فأثبتوا لله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، ونفوا عنه مانفاه عن نفسه من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل، وعلى هذا مضى أئمة السلف يُجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل (١)، ويمرونها كما جاءت (٢)، فصفة المقت في هذه الآية صفةٌ فعلية خبريَّة ثابتة لله عزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة الصحيحة (٣)، والدليل عليها من الكتاب قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٣]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر: ١٠].

قال ابن تيمية عند هذه الآية: (فوصف تعالى نفسه بأنه يمقت الكفار، ووصفهم بالمقت، وليس المقت مثل المقت) (٤). (٥)


(١) ينظر: أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات لمرعي الكرمي (١/ ٦٠)، ومعارج القبول للحكمي (١/ ١٤٧)، والقواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لابن عثيمين (١/ ٧٠)، وشرح العقيدة الواسطية للعثيمين (١/ ٢٧٠)، والمفسرون بين التأويل والإثبات للمغراوي ص ١٢١٧ وما بعدها.
(٢) قال السفاريني: (مضت أئمة السلف على الإيمان بظاهر ما جاء في الكتاب من آيات الصفات، وكان الزهري، ومالك، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك، والإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وغيرهم - رحمهم الله- يقولون في آيات الصفات: مروها كما جاءت. وقال سفيان بن عيينة: وكل ما وصف الله نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم). لوامع الأنوار البهية (١/ ٢١٩)
(٣) ينظر: صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي السقاف (١/ ٣٢١).
(٤) التدمرية (١/ ٢٦)، ومجموع الفتاوى (٣/ ١٣).
(٥) قال ابن تيمية: (المقت يراد به نفس المقت ويراد به الممقوت كما في الخلق ونظائره ومثله قوله {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٣] أي: كبر ممقوتاً، أي مقته مقتاً، والمقت البغض الشديد، وهو من جنس الغضب المناسب لحال هؤلاء). الاستقامة (١/ ١٨ - ١٩)

<<  <   >  >>