للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النيسابوري في معنى هذه الآية: (ولكنكم استترتم لظنكم أن الله لا يعلم كثيراً مما كنتم تعملون وهو الخفيات من أعمالكم. وفيه رد على بعض الجهلة الذين يستخفون من الناس ولا يمكنهم الاستخفاء من الله، وفيه تنبيه على أن المؤمن يجب عليه أن يكون في أوقات خلواته أهيب لربه وأوفر احتشاماً ومراقبة). (١)

ويؤيد هذا الاستنباط قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: ١٠٧ - ١٠٨]، فوصفهم تعالى بالخيانة لأنهم يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على سوء أعمالهم، ولا يستترون من الله تعالى ولا يستحيون منه.

وهذه فائدة لطيفة من الآية حسن التنبيه عليها، والتأكيد بدلالة هذه الآية على أثر سوء الظن بالله، وأن الظن الفاسد هو الذي أهلك من قبلنا وأرداهم عند ربهم، وعلى النقيض منه حسن الظن به تعالى وما يورثه في القلب من الطمأنينة والثقة بما عند الله.

كما أن مراقبة الله تعالى في السر والعلن، مراقبة من يحبه ويخشاه، ويرجو ثوابه ويخاف عقابه، هي من الإحسان، وهي فائدة حسنة، والله تعالى أعلم.

إرادة الله تعالى كفر الكافرين.

قال الله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: ٢٥]


(١) غرائب القرآن (٦/ ٥٤) وينظر: جامع البيان (٢١/ ٤٥٦)، وتفسير القرآن العظيم (٧/ ١٧٢)

<<  <   >  >>