للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الخطيب الشربيني - رحمه الله – هنا تنبيهاً فقال: (في الآية دلالة على أنه تعالى يريد الكفر من الكافرين، لأنه تعالى قيض لهم قرناء سوء فزينوا لهم الباطل، وهذا يدل على أنه تعالى أراد منهم الكفر، ولكن لا يرضاه، كما قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: ٧].) (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على إرادة الله تعالى الكفر من الكافرين؛ لأنه تعالى قيض لهم قرناء سوء، فزينوا لهم الباطل حتى أضلوهم، وهذا يدل على أنه تعالى أراد منهم الكفر.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وغيره. (٢)

قال الرازي: (احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى يريد الكفر من الكافر، فقالوا إنه تعالى ذكر أنه قيض لهم أولئك القرناء، وكان عالماً بأنه متى قيض لهم أولئك القرناء فإنهم يزينوا الباطل لهم، وكل من فعل فعلاً وعلم أن ذلك الفعل يفضي إلى أثر لا محالة، فإن فاعل ذلك الفعل لا بد وأن يكون مريداً لذلك الأثر، فثبت أنه تعالى لما قيض لهم قرناء فقد أراد منهم ذلك الكفر). (٣)

ولاشك أن الله تعالى أراد الكفر من الكافرين، وأنه لا يخرج شيء في الكون عن مشيئته تعالى وإرادته، وفي هذه الآية ومثيلاتها رد على المعتزلة، والقدرية، ومن تبعهم من الأشاعرة.


(١) السراج المنير (٣/ ٥١٥)
(٢) التفسير الكبير (٢٧/ ٥٥٧)
(٣) التفسير الكبير (٢٧/ ٥٥٧).

<<  <   >  >>