للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسندوا جميع الحوادث إلى الله، ولم يفرقوا بين الإرادتين أدَّاهم إلى القول بأن الله يريد الكفر والفساد، بل صرَّح بعضهم أنه يحبه. (١)

قال ابن عثيمين: (فإذا قال قائل: كيف يريد الله تعالى كوناً ما لا يحبه، بمعنى: كيف يريد الكفر أو الفسق أو العصيان وهو لا يحبه؟!

فالجواب: أن هذا محبوب إلى الله من وجه مكروه إليه من وجه آخر، فهو محبوب إليه لما يتضمنه من المصالح العظيمة، مكروه إليه لأنه معصية، ولا مانع من أن يكون الشيء محبوباً مكروها باعتبارين) (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) قال ابن تيمية: " قالت المعتزلة: هو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان فلا يشاؤه فقالوا: إنه يكون بلا مشيئة، وقالت الجهمية بل هو يشاء ذلك؛ فهو يحبه ويرضاه، وأبو الحسن الأشعري وأكثر أصحابه وافقوا هؤلاء؛ فذكر أبو المعالي الجويني: أن أبا الحسن أول من خالف السلف في هذه المسألة، ولم يفرق به بين المشيئة والمحبة والرضا. وأما سلف الأمة وأئمتها وأكابر أهل الفقه والحديث والتصوف وكثير من طوائف النظار: كالكلابية والكرامية؛ وغيرهم فيفرقون بين هذا وهذا؛ ويقولون: إن الله يحب الإيمان والعمل الصالح ويرضى به، كما لا يأمر ولا يرضى بالكفر والفسوق والعصيان ولا يحبه؛ كما لا يأمر به وإن كان قد شاءه؛ ثم قال: والمقصود هنا جواب هذه المسألة؛ فإن هذه الإشكالات المذكورة إنما ترد على قول جهم ومن وافقه من المتأخرين من أصحاب أبي الحسن الأشعري وغيرهم، وطائفة من متأخري أصحاب مالك والشافعي وأحمد". ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٧٥) و (٨/ ٣٤١)، وينظر: الإبانة لأبي الحسن الأشعري (١/ ١٢٦)، والمواقف للأيجي (١/ ٣٢٠)، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة للشيخ عبد الرحمن المحمود (٣/ ١٣٣٠).
(٢) شرح العقيدة الواسطية (١/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>