للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأنعام: ١٢٥]، وقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٦]، وقوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: ١٦].

والنوع الثاني: الإرادة الدينية الشرعية، وهي المتعلقة بألوهيته تعالى وشرعه، وهي مستلزمة لأمره، والأمر دليل عليها وهي المتعلقة بحبه ورضاه.

والدليل عليها قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٧]. (١)

فعلى هذا ما كان من أفعال العباد وهو طاعة لله، فإنه متعلق بنوعي الإرادة الكونية القدرية والدينية الشرعية، وما كان من أفعال العباد وهو معصية، وكفر، وفسق، فهو متعلق بالإرادة الكونية القدرية، وليس متعلقاً بالإرادة الدينية الشرعية المستلزمة لأمره وحبه ورضاه، فإن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، ولا يحب الخائنين. (٢)

وقد التبس على كثير من الفِرق مفهوم الإرادة، وحصل لهم بسبب عدم تفريقهم بين الإرادتين، لبس عظيم ووقعوا في أمور منكرة، فالأشاعرة مثلاً لما


(١) قال ابن عثيمين عن هذا النوع من الإرادة: (القسم الثاني: إرادة شرعية: وهي مرادفة للمحبة، فـ (أراد) فيها بمعنى (أحب)، فهي:
أولاً: تختص بما يحبه الله، فلا يريد الله الكفر بالإرادة الشرعية ولا الفسق.
ثانياً: أنه لا يلزم فيها وقوع المراد، بمعنى: أن الله يريد شيئاً ولا يقع، فهو سبحانه يريد من الخلق أن يعبدوه، ولا يلزم وقوع هذا المراد، قد يعبدونه وقد لا يعبدونه، بخلاف الإرادة الكونية). شرح العقيدة الواسطية (١/ ٢٢٣)
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٤٧٥)، وشفاء العليل ص ٢٨٠، وشرح العقيدة الطحاوية (١/ ١١٥ - ١١٦)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٣٣٨)

<<  <   >  >>