للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم متعبداً قبل النبوة بشرع.

قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (في الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبداً قبل النبوة بشرع، وفي المسألة خلاف للعلماء (١)، فقيل: كان يتعبد على دين إبراهيم عليه السلام وقيل: غيره). (٢)

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - بدلالة اللازم من الآية أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبداً قبل النبوة بشرع؛ لأنه تعالى نفى عنه العلم بالكتاب والإيمان قبل النبوة.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: البيضاوي، وابن عاشور. (٣) وغيرهما (٤).

والحق أن هذه الدلالة غير صحيحة، وأهل الأصول على أن الأنبياء عليهم السلام كانوا مؤمنين قبل الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم، وهو الصحيح (٥)، ولم يتبين له شرائع دينه (٦).


(١) ينظر: الإبهاج للسبكي (٢/ ٣٠٣) والإحكام للآمدي (٤/ ١٩٠)، والعدة لأبي يعلى (٣/ ٧٥٦)، والتمهيد (٢/ ٤١١)، وأصول السرخسي (٢/ ٩٩)، وتيسير التحرير لابن الهمام (٣/ ١٣١).
(٢) السراج المنير (٣/ ٥٦٠)
(٣) قال: في هذه الآية حجة للقائلين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبداً قبل نبوءته بشرع. التحرير والتنوير (٢٥/ ١٥٣)
(٤) ينظر: أنوار التنزيل (٥/ ٨٥)، والمرجع السابق.
(٥) لقوله تعالى {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: ٦٨]، وقوله سبحانه {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل: ١٢٣]. ينظر: أصول السرخسي (٢/ ٩٩)، وإرشاد الفحول للشوكاني (٢/ ١٧٧)، وكشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٣/ ٢١٢)
(٦) قال ابن كثير: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} يعني: القرآن، {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} أي: على التفصيل الذي شُرع لك في القرآن. تفسير القرآن العظيم (٧/ ٢١٧)، وينظر: معالم التنزيل للبغوي (٤/ ١٥٣).

<<  <   >  >>