للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفقة حاملاً دلَّ على أنها البائن التي لا ينفق عليها.

وتحقيقه أن الله تعالى ذكر المطلقة الرجعية وأحكامها حتى بلغ إلى قوله تعالى: {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، ثم ذكر بعد ذلك حُكماً يعم المطلقات كلهن من تعديد الأشهر وغير ذلك من الأحكام، وهو عام في كل مطلقة، فرجع ما بعد ذلك من الأحكام إلى كل مطلقة). (١)، وقوله هذا وجيه جداً.

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة غير ابن العربي: الطبري، والشافعي، والكيا الهراسي، والبيضاوي، والخازن، والقاسمي، وغيرهم. (٢)

ويؤيد دلالة هذه الآية قوله صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن فاطمة بنت قيس (٣) حين طلقها زوجها ثلاثاً، هل لها من نفقة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ليست لها نفقة وعليها العدة. (٤)

قال ابن القيم: (المطلقة البائن (غير الحامل) لا نفقة لها ولا سكنى بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، بل الموافقة لكتاب الله، وهي مقتضى القياس ومذهب فقهاء الحديث). (٥)

وبهذا يظهر صحة دلالة هذه الآية على استنباط الخطيب، وأما القول


(١) أحكام القرآن (٤/ ٢٨٧).
(٢) ينظر: جامع البيان (٢٣/ ٤٦٠)، وأحكام القرآن للشافعي جمع البيهقي (١/ ٢٦٢)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٤٢٢)، وأنوار التنزيل (٥/ ٢٢٢)، ولباب التأويل (٤/ ٣٠٩)، ومحاسن التأويل (٩/ ٢٥٩).
(٣) هي: فاطمة بنت قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن وائلة، القرشية، الفهرية، أخت الضحاك بن قيس، كانت من المهاجرات الأول، لها عقل وكمال، وهي التي طلقها أبو حفص بن المغيرة، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، توفيت في خلافة معاوية. ينظر: أسد الغابة (٧/ ٢٢٤)، وسير أعلام النبلاء (٢/ ٣١٩).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لانفقة لها برقم (١٤٨٠) (٢/ ١١١٥).
(٥) إعلام الموقعين (٣/ ٣٧٨).

<<  <   >  >>