للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن، وما رآهم) (١). (٢)

وقيل في شرح حديث ابن عباس هذا: معناه: أنه لم يقصدهم بالقراءة بل لمَّا تفرقوا يطلبون الخبر الذي حال بينهم وبين استراق السمع، صادف هؤلاء النفر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه، وعلى هذا فهو صلى الله عليه وسلم لم يعلم باستماعهم ولم يكلمهم وإنما أعلمه الله عز وجل بما أوحي إليه من قوله {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وأما حديث ابن مسعود فقضية أخرى وجن آخرون. (٣)

وممن نصَّ على هذه الدلالة من الآية: القرطبي، والبيضاوي، والخازن، وأبو حيان، وابن كثير، والقاسمي، والشنقيطي، وغيرهم. (٤)

والمشهور أن هذا الاستماع هو المذكور في سورة الأحقاف في قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ}، وهي قصة واحدة، وقيل: قصتان، ولم تتعرض الآية، لا هنا ولا في سورة الأحقاف، إلى أنه رآهم وكلمهم عليه الصلاة والسلام.

ويظهر أن ذلك كان مرتين: إحداهما: في مبدأ مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥)،


(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن برقم (٤٤٩)، (١/ ٣٣١)
(٢) ينظر: فتح القدير للشوكاني (٥/ ٣٦٣).
(٣) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٧/ ٢٩١)، والصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (٤/ ٥٤٦)، وينظر: لباب التأويل (٤/ ٣٤٩).
(٤) ينظر: الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١)، وأنوار التنزيل (٥/ ٢٥١)، ولباب التأويل (٤/ ٣٤٩)، والبحر المحيط (١٠/ ٢٩٣)، وتفسير القرآن العظيم (٧/ ٢٩١)، ومحاسن التأويل (٩/ ٣٢٩)، وأضواء البيان (٧/ ٢٣٥).
(٥) قال ابن رجب: (هذه القصة في أول البعثة وهدا الحديث مما أرسله ابن عباس، ولم يُسمِّ من حدَّثه به من الصحابة، ويحتمل أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن نفسه. والله أعلم). تفسير ابن رجب الحنبلي (٢/ ٤٩٩).

<<  <   >  >>