أمور كثيرة من صفاته، أحدها: أنه كان معانداً في جميع الدلائل الدالة على التوحيد، والعدل، والقدرة، وصحة النبوة، وصحة البعث، وكان هو منازعاً في الكل، منكراً للكل، وثانيها: أن كفره كان كفر عناد، كان يعرف هذه الأشياء بقلبه إلا أنه كان ينكرها بلسانه، وثالثها: أن قوله: {إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا} يدل على أنه من قديم الزمان كان على هذه الحرفة والصنعة، ورابعها: أن قوله: {إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا} يفيد أن تلك المعاندة كانت منه مختصة بآيات الله تعالى وبيناته، فإن تقديره: إنه كان لآياتنا عنيداً، لا لآيات غيرنا، فتخصيصه هذا العناد بآيات الله مع كونه تاركاً للعناد في سائر الأشياء، يدل على غاية الخسران). (١)
فجاءت دلالة الآية على ملازمة صفة العناد له، ليس في سائر أحواله بل فيما يتعلَّق بآيات الله على وجه الخصوص، وأن معاندته للحق ومبارزته لله ولرسوله بالمحاربة وأذيته لهما صفة قديمة فيه، واختصار هذه المعاني كلها في هذه الآية الواحدة من محاسن بلاغة هذا الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه، وهي إشارة لطيفة من الآية، والله تعالى أعلم.