للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحة الشفاعة للمذنبين من المؤمنين.

قال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٢ - ٤٨]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({فَمَا تَنْفَعُهُمْ} أي: في حال اتصافهم بهذه الصفات {شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} أي: لا شفاعة لهم فلا انتفاع بها، وليس المراد أن ثَمَّ شفاعة غير نافعة. كقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨] وهذه الآية تدل على صحة الشفاعة للمذنبين من المؤمنين بمفهمومها؛ لأنّ تخصيص هؤلاء بأنهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين، يدل على أن غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين). (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية بدلالة مفهوم المخالفة صحة الشفاعة ونفعها لعصاة المؤمنين؛ لأنّ تخصيص هؤلاء المذكورين بأنهم يومئذ لا تنفعهم شفاعة الشافعين يدل على أن غيرهم تنفعهم الشفاعة، وإلا لما كان لتخصيصهم بعدم منفعة الشفاعة وجه.

قال الزجاج: (وفي هذا دليل أن المؤمنين تنفعهم شفاعة بعضهم لبعض). (٢)

وقال ابن عطية: (أخبر تعالى أن شفاعة الشافعين لا تنفعهم، فتقرر من ذلك


(١) السراج المنير (٤/ ٤٨٦)
(٢) معاني القرآن وإعرابه (٥/ ٢٤٩)

<<  <   >  >>