للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الكيا الهراسي: (قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} يدل على وجوب النية في العبادات، لأن الإخلاص عمل القلب، وهو أن يريد وجه الله تعالى بالعمل، ولا يراد غيره به أصلاً). (١)

واستنبط هذه الدلالة من الآية غيره من المفسرين كالرازي، والقرطبي، والسيوطي، والشوكاني، وغيرهم. (٢)

قال الشوكاني: (وهذه الآية من الأدلة الدالة على وجوب النية في العبادات لأن الإخلاص من عمل القلب). (٣)

وهي دلالة صحيحة نصَّ عليها كثير من أهل العلم، وأكدَّ هذا المعنى ابن القيم وغيره، قال - رحمه الله - في إعلام الموقعين: (فإن القربات كلها مبناها على النيات، ولا يكون الفعل عبادة إلا بالنية والقصد، ولهذا لو وقع في الماء ولم ينو الغسل أو دخل الحمام للتنظيف أو سبح للتبرد لم يكن غسله قربة ولا عبادة بالاتفاق، فإنه لم ينو العبادة فلم تحصل له، .. فالنية روح العمل ولبه وقوامه، وهو تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال كلمتين كفتا وشفتا، وتحتهما كنوز العلم وهما قوله: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» فبيّن في الجملة الأولى أن العمل لا يقع إلا بالنية، ولهذا لا يكون عمل إلا بنية، ثم بين في الجملة الثانية أن العامل ليس له من عمله إلا ما نواه، وهذا يعم العبادات والمعاملات والأيمان والنذور وسائر العقود والأفعال.) (٤)


(١) ينظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٤٣١)
(٢) ينظر: التفسير الكبير (٣٢/ ٢٤٢)، والجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ١٤٤)، والإكليل (١/ ٢٩٥)، وفتح القدير (٥/ ٥٨٠)
(٣) فتح القدير للشوكاني (٥/ ٥٨٠).
(٤) إعلام الموقعين (٣/ ١١١) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>