فختم (الهدَّام) تخريجه المشار إليه بقوله (١/ ١٣٦):
"قلت: وأحسن هذه الأحاديث حديث أبي سعيد، وأرى (! ) أن يُتَمهَّل في تحسين هذا الحديث أو تصحيحه بهذه الشواهد"!
ثم قال:"قلت: والاستعاذة قبل القراءة في الصلاة لم يصحَّ فيه حديث أصلًا ... فحديث أبي سعيد الخدري سبق ضعفه، وحديث عائشة سبق نكارته"! !
أقولُ: لا أريد -الآن- الرَّدَّ عليه، والكلامَ على طرق الحديث، وما يصحُّ منها وما لا يصحُّ ... فذلك مبسوطٌ في "الإرواء" - كما أشرت آنفًا -، وإنَّما أريد نصح القراء بالكشف عن شيء من خيانته للعلم، وكتمانه الحقائق تدليساً وتلبيساً على القراء؛ فأقول:
أوَّلًا: كَتَمَ أثر عمر الصحيحَ إسنادُهُ عنه، أنَّه كان إذا كبر للصلاة، كبّر، ثم قال:"سبحانك اللهم وبحمدك ... " إلخ ... يُسمع ذلك من يليه ويُعَلِّمهم، ثم يتعوَّذ، ولقد رآه (الهدَّام) مخرجًا هناك من رواية جمع من الحفاظ -كمسلم وغيره-، وصرّح بعضهم بصحته- كالدّارقطني وغيره-؛ ولكنّه كتمه؛ لأنَّه يعلم أنَّه يُبطل قوليه المذكورين آنفًا، ويجعل تخريجه في صفحتين هباءً منثورًا! لأنَّ العلم يشهد أنَّ عمر ما كان يستفتح بهذا الاستفتاح ويجهر به لِيُعَلِّم الناس الذين يصلّون خلفه -وهم يُقِرُّونه على ذلك ولا ينكرونه- إلاّ وهو قد تلقَّاه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وفي مثل هذا يظهر أهميّة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرّاشدين من بعدي"، وقوله:"اقتدوا باللَّذين بعدي أبي بكر وعمر"! ولكنَّ (الهدَّام) -تمهيدًا منه لعدم الاحتجاج بهذا الأثر العُمَري ونحوه- قد ضعَّفهما