الأولى: أن الدّارميَّ رواه عن شيخه أحمد بن محمد بن قدامة: ثنا أبو أسامة. . . إلخ، وفي طبقة أحمد بن محمد بن قدامة سبعة؛ منهم الثّقة، والضّعيف، والمجهول، فكان من الواجب على (الهدَّام) -لو كان يهتمّ بالواجب- أن يبيِّن مَنْ هوَ مِن بيْنِهم؟ !
ومع أنّه لا يهمّني أنا شخصيًّا معرفتُه؛ فقد أغناني عنه رواية ابنَي أبي شيبة عن شيخهما أبي أُسامة، فقد تتبّعتُ تراجمَ السّبعةِ المشارِ إليهم، فوجدت اثنين منهم رويا عن أبي أسامة؛ أحدَهما يُكْنَى بأَبي عبد اللَّه؛ وهو ثقةٌ، والآخرُ يُكْنَى بأبي جعفرٍ البغداديِّ؛ وهو ضعيفٌ، لكنّهم لم يذكروا في ترجمتهما أنّ الدّارميّ روى عن أحدهما، فقوله:"ورجاله تقات" مجازفة، ولكنّها دون مجازفاتِه الكثيرةِ في تضعيف الأحاديثِ الصّحيحة! والعجيب أنّ هذا منها -كما سترى-!
والأُخرى: إذا كنتَ صادقًا في توثيقك المذكور؛ فما الّذي منعك من القول بصحّة إسناده -كما تقدّم منّي-؟ !
إن كان: لكونه من كتاب؛ فهو طريقٌ من طرق التّحمل؛ كما هو معروفٌ في المصطلح، وإن كان: غيره؛ فما هو؟ ! ليس هو إلّا العِناد والهدم! !
٥٩ - "وقال أنس -رضي اللَّه عنه-: كنا عند عمر -رضي اللَّه عنه-، فسمعته يقول: نُهِينا عنِ التّكلُّف".
أقول: حديث صحيح موقوف في حكم المرفوع، أخرجه البخاري (٧٢٩٣)، ورواه غيره بأتمَّ منه، وخرّجه الحافظ في "شرحه"(١٣/ ٢٧٠، ٢٧١)، ورواه الحاكم وغيره -مرفوعًا من حديث سلمانَ الفارسيِّ -رضي اللَّه عنه-، وهو مخرّج في "الصّحيحة"(٢٣٩٢).