هو إخبارُهم بأنَّك على معرفةٍ بتراجم الرجال؟ ! -وهي وسيلةٌ- لو كنت كذلك حقًّا! -، أم إعلامهم بما صَحَّ وَثَبَتَ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
وإذا كان هذا الغايةَ من التحقيق عند العارفين الناصحين، فلماذا تَشْغَلُهم بالوسيلة عن الغاية، ولا تسترعي نظرَهم إلى هذه الحقيقة، فتقول -مثلًا-: ". . . ولكن الحديث صحيح؛ وإن كان في سنده جهالة، لأنَّ له شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة"؟ ! وإذا كانت نفسُك الحاقدةُ تأبى عليك أن تُحيل في ذلك على شيء من كتب الألباني -مثل "تحذير الساجد" المذكور آنفًا، أو "أحكام الجنائز"-؛ فلا أقلَّ من أَن تُحيل على أحاديث عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة التي ذكرها المصنفُ قبل هذا، وعزوتَها لـ "البخاري" و"مسلم "ولم تضَعِّفها!
والجواب: أنَّ هذا من واجب الناصح الأمين، وليس هو من طبيعةِ مَن نَصَبَ نفسَه لتضعيف الأحاديث الصحيحة عند العلماءإ! وحَسْبُك -دليلًا- ما تقدّم، ويأتي عَقِبَ هذا، وغيرُهُ كثيرٌ وكثيرٌ جدًا!
٦٦ - "وعن ابن عباسٍ، قال: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج؛ رواه الإمام أحمد، وأهل "السنن"":
قلت: خرّجه من رواية عشرة من المصنِّفين -منهم مَن ذكرهم ابن القيم-، ثم ضَعَّفَه بأبي صالح -مولى أم هانئ-.
فأقول أيضًا: نعم، ولكنّ اقتصارَه على هذا يُنافي الأمانة العلمية والنصيحة الدينية -التي أشرت إليها في الحديث الذي قبله-؛ فإن جملة اتخاذ القبور مساجد لها تلك الشواهدُ الصحيحةُ المشارُ إليها آنفًا، وجملة الزيارة -كذلك- صحيحة، لها شاهدان من حديث حَسّان بن ثابت، وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-.