وهذا من مُبالغاتهِ وتهويلاتهِ، فإِنَّ فيها شاهدًا مرسلًا، حَسَّنه الحافظ في "الفتح"، و"التغليق" -أيضًا- (٣/ ٤٤٦)، وتخريجه للحديث مِمَّا سرقه من "الإرواء"(١٢٦٩)، وأخذ منه تعليلَ طُرُقهِ؛ إلَّا تحسين الطريق الأولى، وكتم بعضَ مصادرِه المخطوطة، لكي لا تنكشفَ سرقته؛ لأنّها ليست من مصادره!
وإنَّ من تلك الأحاديث -التي كان ينبغي على (الهدَّام) أن يُخَرِّجها- قولَه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما رأى على رجلٍ لباس الكفّار-: "هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"؛ رواه مسلمٌ وغيره، ولا أستبعدُ عليه أن يختلق له عِلّةً يضعّفه بها! وهو مخرَّج في "الجلباب"(١٨٣/ ١)، وقولَه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غيِّروا الشَّيبَ ولا تشَبَّهوا باليهود والنصارى"؛ صحِّحه التِّرمذي، وابن حبان، وله طرق تراها هناك (١٨٩ - ١٩٠).
١٠٤ - "علَّل الجمعَ بين المرأة وعمّتها بقوله: إنَّكم إِذَا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم":
قلت: النهيُ عن الجمع المذكور صحيحٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ من حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ في "الصحيحين" وغيرهما، وهو مخرّج في "الإرواء"(٦/ ٢٨٨ - ٢٩١).
وأمّا التعليلُ بقوله:"إنّكم. . . " إلخ، فلا يصحُّ؛ وهو من طريق مُعْتَمِر بن سليمان، عن الفُضيل بن ميسرة، عن أَبِي حَرِيز، عن عِكْرِمة، عن ابن عَبَّاس.
وقول (الهدَّام)(١/ ٥٥٢): "ولعلّها وَهَمٌ من المعتمر بن سليمان": من جهلهِ بمنازلِ الرجال ومراتبهم، وطعنه بغير حقّ، فإِنَّ (المعتمر) ثقةٌ احتج به الشيخان والجماعة؛ وإنّما الوَهَمُ من شيخه الفُضَيل بن مَيْسَرة، بل من شيخ هذا -أَبِي حَرِيز-، واسمه (عبد اللَّه بن حسين)؛ فإنَّه أضعفُ منه؛ كما حقّقتُه في المجلّد الرابع عشر من "الأحاديث الضعيفة" رقم (٦٥٢٨)، ورددتُ فيه على من حسَّن هذه الزيادة من المعاصرين.