وقولُ البيهقي:"وهو منقطعٌ"، يعني: أنَّه مرسل، هذا اصطلاحٌ له معروفٌ عند أهل العلم.
١٢٥ - "وله شاهدٌ آخر، وهو ما رواه التِّرمذي من حديث مالك بن نَضْلَة، قال: قلت: يا رسول اللَّه! الرجل أمرُّ به فلا يَقْريني ولا يُضَيّفني؛ فيمرّ بي أَفَأَجزيه؟ قال: "لا؛ أقْرِهِ"، قال التِّرمذي: حسنٌ صحيحٌ":
قلت: صحَّح إسناده (الهدَّام)(١٢/ ٨٩) -بعد ما عزاه للترمذي وأحمد-، ولم يُبَيِّن السبب، -كعادته-، وعلى الناس أن يُسلِّموا لفضيلته (! )، مع أنَّ إسناد التِّرمذي معلولٌ بعنعنة أبي إسحاق السَّبيعي، لكنْ قد صرّح عند أحمد وغيره بالسماع، ولذلك صحّحت إسناده عندما خرّجت طرفًا من حديث أبي نَضْلَة -هذا- في "غاية المرام"(٦٣/ ٧٥)، وصحّحه الحاكم، ووافقه الذهبي، وأخرج ابن حبان -أيضًا- (١٤٣٤)، وهو عند هؤلاء الثلاثةِ الطرفُ الأخيرُ منه، ومنه يتبيّن تقصير (الهدَّام) في تخريجه!
على أنَّه لم يَستفِدْ شيئًا من تصحيحِه إياه من الناحية الفقهية، فإنَّ المؤلِّفَ -رحمه اللَّه- ذكره شاهدًا للحديث -يعني من حيث المعنى-، وذلك باشتراكِهما في عدم مقابلة السيئة بالسيئة، فكما أمر بأداءِ الأمانة، وعَدَمِ مقابلة الخيانة بالخيانة، كذلك أمر -صلى اللَّه عليه وسلم- بالضيافةِ وعدم مقابلة تاركها بالتَّرك؛ كما هو ظاهرٌ، فهو شاهدٌ قويٌّ بهذا الاعتبار، ولكنّ الرجلَ كما أنَّه لا علمَ عنده بالحديث، فكذلك لا فقهَ عنده! على ذلك ترى كلَّ كتاباته، ولبيان هذا مجالٌ آخر، وانظر (ص ١٧١).
١٢٦ - "وله شاهدٌ آخر، وهو ما رواه أبو داود من حديث بشير ابن الخصاصِيَة، قال: قلت: يا رسول اللَّه! إنَّ أهلَ الصدقةِ يعتَدُون علينا، أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدُون علينا؛ فقال: "لا".