قلت: حديثُ بشيرٍ في "المسند"(٥/ ٨٣) -نحوه-، لكنْ ليس فيه:"أَدِّ الأمانة. . . "، وكذلك هو في "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر (١/ ٦٣٥/ ١٢٨٨)؛ فالظاهر أنَّه مُدْرَجٌ من بعض النسّاخ، أو هو وَهَمٌ من الشيخ -رحمه اللَّه-، وهو الظاهرُ؛ فقد ذكره المؤلّف -فيما يأتي برقم (١٢٦) - عازيًا إيّاه لشيخه في كتاب "إبطال التحليل" وهو في (ص ٩٤) منه، وقد انطلى هذا الوَهَمُ على (الهدَّام) -كما يأتي ذكره - هناك-.
وما عزاه لأبي داودَ: هو في "سننه"(١٥٨٦) من حديث بشير -أيضًا-، وبالسند نفسه.
وقد ساق الحديثين عبدُ الرّزاق في "مصنفه" بالسند ذاته، وفيه شيخٌ من بني سدوس -يقال له: دَيْسَم-، وهو مجهولٌ، ولذلك خرَّجت حديثَه في "ضعيف سُنن أبي داود"(٢٧٧)؛ لكنّه تابعي مستور، فلا بأس به في الشواهد، واللَّه -سبحانه وتعالى- أعلم.
١٠٦ - قال ابن القيِّم -رحمه اللَّه-: "ومضتِ السنةُ بكراهة إفراد رجب بالصَّوم، وإفراد يوم الجمعة".
قلت: خرّج (الهدَّام) الشطر الأوّل منه بحديث ابن عباس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن صيام رجب، قال:"وفيه متروك".
وخرَّج الشطر الآخر بحديث مسلم (١١٤٤) عن أبي هُريرة بلفظ: "لا تخصّوا يوم الجمعة بصيام. . . ".
وهذا تخريبٌ لقصد ابن القيم بما ذكر من السنة، وليس بتخريجٍ له!
ولعلّه أُتي من جهله بالفقه-؛ والفرقُ بين الإفراد لرجبٍ بالصوم، والنهي عن صيامه مطلقًا: واضحٌ -وهذا لم يصحَّ، وهو مخرّجٌ عندي في غير موضع،