فأقول: ما فائدة هذا التوثيق -وهو لا يعني تصحيحًا- كما تقدم بيانه آنفًا-؟ ! ، بل ذلك قد يعني عنده أنَّ فيه عِلَّة، فإن كان كذلك؛ فما هي؟ ! وهل هي قادحةٌ في صحته أم لا؟ ! كل ذلك كان يجب على (الهدَّام) بيانه لو كان محقِّقًا -حَقًّا- كما يزعم!
والحقيقة؛ أنَّ الحديث رواه جماعةٌ من الثقات، عن الأعمش، عن شَقِيق، عن عبد اللَّه بن مسعود. . . به، ومن أولئك الثقات أبو معاوية الضرير، فوافقهم تارة، وخالفهم مَرَّة، فزاد في الإسناد (مسروقًا) بين شقيق وعبد اللَّه، ولا شك أنَّ روايته الموافقةَ للجماعة هي الصوابُ، ولذلك صحَّحها الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقد بيّنت هذا الذي أجملتُه هنا في "صحيح أبي داود"(٢٠٠)، وأزيد الآن فأقول:
قال ابن أبي شيبة في "المصنف"(١/ ٥٦): حدّثنا شَرِيك، وهُشَيم، وابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، قال. . . فذكره.
فمَن وقف على هذه الحقائق، كيف لا يبادر إلى التصريح بصحة إسناده، وهو عالمٌ به ناصحٌ لقرائه؟ !
فإن قيل: لعله لم يصحّحه لعنعنة الأعمش! فأقول: ليس الأمرُ كذلك، فقد صَرَّح بتصحيح حديثِ آخرَ للأعمش من روايته عن شقيق -فيما تقدم عنده (١/ ١٢٥) -.
٤٦ - "روى أبو هريرة، أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإنَّ التراب له طهور"، وفي لفظ. . .؛ رواهما أبو داود":
قلت: مدارهما على الأوزاعي، وقد اختُلف عليه فيه على وجهين