بقي الجوابُ عن العلّة الأخرى؛ وهي تضعيفه لِمِشْرَح، قال:
"قلت: ومِشْرَح بن هاعان فيه ضعفٌ، وقال ابن حبان: يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها، فالصواب تركُ ما انفرد به".
قلت: والجواب من وجهين:
الأوّل: قد ذكرت أكثر من مَرَّة أن كون الرّاوي فيه ضَعْفٌ لا ينفي حُسْنَ حديثه، وكل الأحاديث التي يُحَسِّنها (الهدَّام) -على قلَّتها- هي من هذا القَبِيل، وإلّا كانت صحيحة! ولكنه يغالط ويكابر.
والآخر أن قول ابن حبان المذكور مُعارَضٌ بتوثيق ابن معين، والعجلي، ويعقوب الفَسَوِيِّ، وكذلك ابن حبان -نفسِهِ- في "الثقات"(٥/ ٤٥٢)، وروى له حديثًا في "صحيحه" (٦٠٨٦ - "إحسان")؛ لكن مَنْ دونه مجهولٌ؛ ولذلك خرَّجته في "الضعيفة"(١٢٦٦).
٨٦ - "أحمد. . . عن داود بن الحُصَين، عن عِكرمة -مولى ابن عباس-، عن ابن عباس، قال: طلّق رُكانة بن عبد يزيد أخو المطَّلب امرأتَه -ثلاثًا- في مجلس واحد. . . فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيف طَلَّقْتَها؟ "، قال: طَلَّقْتُها ثلاثًا، قال: "في مجلس واحد؟ "، قال: نعم، قال: "فإنما تلك واحدة، فارجعها إن شئت"، قال: فراجعها؛ ورواه الحافظ المقدسي في "مختارته" التي هي أصحُّ من "صحيح الحاكم"":
ضعفه (الهدَّام) بداود هذا، وتجاهل طريق ابن جريج، عن بعض بني رافع -المخرَّج عنده قبل هذا-، كما تجاهل تصريحَ ابنِ القيم -من قبل- بصحّته (ص ٤٠٨)، وتصحيح الضياء المقدسي هنا، والمحقق أحمد شاكر في