الأوّل: عزو اللفظ الثاني لحديث أبي هريرة، وليس فيه، وإنّما هو من حديث ابن عباس.
والآخر: عزوه لـ "الصحيح"، وإنّما أخرجه الطبراني وغيره بسند حسن في الشواهد، وهو مخرجٌ مع حديث أبي هريرة في "الصحيحة"(١٦٧٧).
نعم؛ قد رواه -أعني اللفظ الثاني-: ابنُ أبي عاصم في "الأوائل" -بنحوه- من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. . . مرفوعًا بلفظ:". . . دين إسماعيل".
وهو الذي عزاه المؤلّف -عَقِبَ هذه الرواية- لابن إسحاق؛ وسنده حسن. وعزاه في "الفتح" لمسلم، وأظنّه وهمًا منه -كما بيّنته هناك-.
١٤٩ - "قال أبو سفيان يوم أحد: اعْلُ هُبَلُ! فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قولوا له: اللَّه أعلى وأجلّ":
قال (الهدَّام)(٢/ ٢٥٨): "أخرجه البخاري (٤٠٤٣) من حديث البراء".
قلت: هذا العزو - ولو لـ "صحيح البخاري"، ومثلُه كثيرٌ-؛ مما يدلُّ الباحثَ على عدم اهتمامه بالتحقيق الذي يزعُمُه، فإِنَّ البخاري أخرج الحديث -في المكان الذي أشار (الهدَّام) إليه- من رواية إسرائيل، عن أبي إسحاقَ، عن البراء، وأبو إسحاقَ هذا هو السَّبيعي، وهو معروفٌ بأنَّه كان يدلّس، وأنَّه كان اختلط، وهو في هذه الرواية قد عنعن؛ وإسرائيلُ لم يسمع منه قبل الاختلاط؛ ولذلك فالتحقيقُ يتطلّب البحثَ عن تخليص هذا الإسناد من علَّتيه، أو -إِذَا لم يمكن كُلًّا أو بعضًا- تقويته ببعض الشواهد؛ خشيةَ أن يتعلّق بهما صاحبُ هوي؛ فيضعّف الحديث الصحيح، كما يفعل (الهدَّام) -عادةً-، ولذلك فإنِّي مُبَيِّنٌ -هنا - لامبالاته بالتحقيق، وذلك من وجهين:
أحدهما: أنَّه عزاه إلى المكان الذي أشار إليه من البخاري، وفيه