قلت: في إسناد أحمد عنعنةُ محمد بن إسحاقَ، وهو مدلّسٌ، ومع ذلك حسّن إسناده الحافظُ في "بُلُوغ المرام"، وهو صحيحٌ لغيره كما يأتي بيانه.
وأمّا (الهدَّام) فخرّجه في أربعة أسطر؛ ثلاثة منها في ذكر مُخَرّجيه! وعقّب عليها بقوله:
". . . بأسانيد وطرق مختلفة، عن أبي أُمامة بن سهل، يُرسله ويُوصله إلى غير واحد، ويغلب عليه الصحة، انظر "التلخيص الحبير" (٤/ ٥٩) ".
كذا قال! وفيه مؤاخذاتٌ هامّة:
منها: أنَّه لم يُبَين وجهَ الصحةِ في عبارته الشاذة هذه، التي لا يعجز عنها أجهلُ الناس! (شِنْشِنة. . .).
ومنها: أنَّه أحال فيها على "التلخيص"؛ موهمًا القراء أنَّ الحافظ رجَّح فيه الموصول، والواقعُ خلافهُ؛ كما بيّنته مفصلًا في آخر المجلد السادس من "الصحيحة"(٢٩٨٦)، في نحو سبع صفحات، جمعتُ فيه من الطرق ما لا تراه مجموعًا -مع المراجحة بينها- في مكان آخر، توصّلت منه إلى تحقيقِ أن الحديثَ -وإن صح مرسلًا عن أبي أُمامة بن سهل، ورجّحه الدّارقطني والبيهقي والحافظ-، فقد صحّ مسندًا من رواية ثقتين عن أبي حاتم، عن سهل ابن سعد. . . مرفوعًا، لم يقف الحافظُ على رواية أوثقِهما، وهي في "سُنن النسائي الكبرى"، ويشهد لها إحدى الروايات عن أبي أُمامة؛ أنَّه أخبره بعضُ أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأنصار -وهو سهل بن سعد هذا-، واللَّه أعلم.
وانظر بقيةَ المؤاخذاتِ على (الهدَّام) في المكان المشار إليه من "الصحيحة".
١٢٩ - "قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّا حاملوك على ولدِ الناقّةِ":