٤١ - "وقال أنس -رضي اللَّه عنه-: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدِّد اللَّه عليكم، فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسهم، فشَدَّد اللَّه عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}":
قلت: جزم ابن القيم بنسبته إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو الصواب، وأمَّا (الهدَّام) فأعلّه بـ (سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء)؛ قال (١/ ١٨٧): "ولم يوثقه غير ابن حبّان"؛ وعزّاه لأبي داود (٤٩٠٤) فقط!
هذا هو مبلغُ تحقيقهِ وعلمهِ! وهو مما (يساعده) على تضعيف الأحاديث الصحيحة وهدمه! فاعلم -أيها القارئ الكريم! - أنَّ الحديث رواه ابن أبي العمياء، عن سهل بن أبي أُمامة، عن أنس -مرفوعًا-. . . به، وفيه قصة، وابن أبي العمياء هذا مجهول الحال، ولهذا كنت خرَّجت حديثه هذا بتمامه في "الضعيفة" (٣٤٦٨).
وأمّا هذا القدر الذي ذكره ابن القيم فهو صحيحٌ، لأنَّه قد توبع سعيدٌ هذا عليه، وإن كان خولف في إسناده:
فقال أبو شُريح عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني -الثقة-: عن سهل ابن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف، عن أبيه، عن جده -مرفوعًا-. . . به نحوه، إلى قوله: "والديارات"، دون ما بعده.
قلت: فجعله من مسند (سهل بن حُنَيف)، وهذا إسنادٌ صحيحٌ؛ أخرجه البخاري في "التاريخ"، والطبراني في "المعجم الكبير"، و"الأوسط"، والبيهقي وغيرهم، وقد خرّجته في "الصحيحة" (٣١٢٤)، وتكلّمت فيه على إسناده، ودعّمته فيه بشاهدين مرسلين، إسناد أحدهما صحيح، بما لا يشكّ الواقف على ذلك أنَّ الحديث صحيحٌ بلا ريب.