وقال الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول: إنَّه متصل محمول على السماع بشرط أن لا يكون المعنعِن مدلّسًا، وبشرط إمكان لقاء بعضهم بعضًا -كما صرح به النووي وغيره، وسبق بيانه في المقدمة رقم (٥) -؛ وحقّقت -هناك- أنَّ شرط اللقاء إنَّما هو شرطُ كمالٍ وليس شرطَ صحةٍ، وأن (الهدَّام) لم يَرْضَ -عمليًّا- حتى ولا بشرط اللقاء، وأنَّه أخذ يعلِّل الأحاديث الصحيحة بالإرسال والانقطاع لعدم تصريح الراوي بالسماع! كما فعل في هذا الحديث، مع مخالفته لتصحيح الحفاظ الذين سبق ذكرُهُم، هذا التصحيحُ الذي هو من مئات التصحيحات التي تؤكِّد ما ذكره النووي من جَرَيان العمل على الاكتفاء بالمعاصرة، فتنبَّه.
٣١ - "وفي "المسند" و"الترمذي" من حديث أبي سعيد الخُدْري، قال: كان النبي -صلي الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة استفتح، ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه"":
ضعّفه (الهدَّام) من جيمع طرقه، وقد سرق -على عادته - تخريجَها من كتابي "إرواء الغليل"، دون أدنى إشارة إلاَّ للنقد بما لا طائلَ تحته، يأخذ منه ما قبل من العِلَلِ فيها -أو في بعضها -، دون أن يذكر ما فيه من الأقوالِ المصحَّحة لبعضها، وما يقوِّيه من الشواهد!
لقد خرَّجته -هناك - في أكثر من عشر صفحات (٢/ ٤٨ - ٥٩) بتتبُّعٍ لطرقهِ، وتوسُّعٍ لا تراه في غيره -إن شاء الله تعالى-، وعن جمع من الصحابة.
ويرى القراء أن في الحديث سُنَّتين:
إحداهما: الاستفتاح بدعاء: "سبحانك اللهم وبحمدك ... "، وذلك صريحٌ