قبلي. . . وجُعلت لي الأرض طيِّبة طهورًا ومسجدًا، فأيّما رَجُلٍ أدركته الصلاة، صلّى حيث كان"".
قلت: يريد (الهدَّام) بهذا أن يضع ضعفًا في متن الحديث، كما وضع ضعفًا في سنده، وهو على كلِّ حالٍ خاسرٌ، فإنَّ هذا الحديث كسائر الأحاديث الصحيحة التي تنهى عن الصلاة في المقابر، وفي المساجد المبنيّة على القبور، وعن الصلاة في معاطِن الإبل، ونحو ذلك، فهذه خاصَّةٌ، وحديث جابر عامٌّ، فهو مُخَصَّصٌ بها -كما لا يخفى على الفقهاء-، فإلى اللَّه المشتكى من زمان يَتَكلَّم فيه الرويبضة!
٥٠ - "قول ابن مسعود: لأنتم أهدى من أصحاب محمد، أو أنتم على شعبةِ ضلالة":
عزاه (الهدَّام)(١/ ٢١٦) للدارمي، وأعلّه بقوله:
"وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن يحيى بن عمرو بن سَلِمة الهَمْداني، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، ولم يوثقه أحد، وأبوه (يحيى) ذكره أبن أبي حاتم في "الجرح"، وسكت عنه".
قلت: وفي هذا التخريج على اختصاره بلايا!
أولًا: ليس الأثر عند الدارمي باللفظ المذكور، وإنَّما بلفظ:
"إنَّكم لعلى مِلَّة هي أهدى من ملة محمد، أو مُفتَتِحُو باب ضلالة".
ثانيًا: ما نقله عن ابن معين لا يصحّ عنه، رواه ابن عدي (٥/ ١٢٢) من طريق أحمد بن أبي يحيى -وهو الأنطاكي-؛ قال فيه إبرإهيم بن أُورْمة: كذّاب، رواه عنه ابن عدي (٥/ ١٩٥) وقال فيه:
"روى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل "تاريخًا" في الرجال".