للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلاصةُ ما تقدّم من البيان حول هذا الحديث الصحيح:

أوَّلاً: أن (الهدَّام) بتضعيفه إِيَّاه قد خالف {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}.

ثانياً: لقد هدم بحثَهُ - هذا - الَّذي لَخَّصَه من رسالته، كما هَدَمها هي - أيضاً - بتراجعه عن تضعيف أكثره، وقد يتراجع - فيما بعد - تحت مطارق الحق عن باقيه، ولكن بمكرٍ ودهاءٍ لا يُحمد عليه.

ثالثاً: لقد كتم هنا تراجعَه المذكور هناك، فأوهم القراء أنَّه لا يزال مُصِرّاً على تضعيفه إيّاه - تضعيفاً مطلقاً - وذلك بما كان علَّقهُ على طبعته لـ"رياض الصالحين" (١)؛ هداه الله! ولا حول ولا قوَّةَ إلاّ بالله!

٣ - "قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الَّذين أفتَوا بالجهل، فهلك المستفتي بفتواهم: "قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ ! فإِنَّما شفاء العِيِّ السؤال"":

صَدَّره المضعِّف بقوله: "ضعيف"! ثم خَرَّجَه (١/ ٢٨) من حديث جابر، ومن حديث ابن عباس وضعّف إسناديهما، وقد استفاد ذلك من "الإرواء" (١/ ١٤٢/ ١٤٢) وغيره، لكنَّه عاكسني في تقويتي للحديث بمجموع الطريقين في بعض كتاباتي - مثل "المشكاة" (١/ ١٦٦) -، فحسَّنته هناك، وفي "صحيح أبي داود" (٣٦٤ - ٣٦٥).

أقول: عاكسني؛ لأنَّه لا يأخذ بقاعدة التقوية بكثرة الطرق، كما تقدم بيانه في المقدمة (المؤاخذة/ ٢)؛ وذلك من أسباب خروجه عن {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}، وكثرة مخالفته لعلمائهم - كما رأيتَ ويأتي -، ومن ذلك هذا الحديث، فقد رأيت جَزْمَ ابن القيم بنسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسبقه إلى ذلك


(١) وكذلك فعل في تعليقه على "مجموعة رسائل للشيخ نسيب الرفاعي - رحمه
الله -" (ص ٥٣ - ٥٤) طبع المكتب الإسلامي - في ختام حياته -؛ نسأل الله حسن الخاتمة!

<<  <   >  >>