أحدُهما: الجهالة؛ وهو قول التِّرمذي عَقِبَ الحديث:"وغُطَيف بن أَعْيَن ليس بمعروفٍ في الحديث".
والآخر: ما حكاه الحافظ في "التهذيب" عن الدّارقطني أنَّه ضعّف (غُطيفًا) هذا، وهو وَهَمٌ مَحْضٌ على الدّارقطني؛ فإنَّه إنّما ضعَّف (روح بن غُطَيف) في حديث (الدرهم)؛ اشتبه هذا بذاك على بعض الرّواة المتكلِّم فيهم، فنبَّه الدّارقطني في كتابَيْهِ "العلل"، و"السنن" - على وَهَمِه فيه، وصرَّح بأنَّ راوي هذا الحديث إنَّما هو "روحٌ"، وأنَّه ضعيفٌ، فظنّ الحافظ أنَّه (غُطيف)! فقلَّده (الهدَّام)! ! وَجَمَع بين ضِدَّينِ يمكن أن يصدُرا من شخصين يختلف اجتهادهما في الراوي الواحد، أمّا أن يصدُرا من شخص واحد، فذلك في منتهى الجهل، ولاسيّما وأحدهما لم يقُل بما نُسب إليه!
وقد أودعتُ هذا التحقيق في "السلسلة الصحيحة" برقم (٣٢٩٣)، وذكرتُ للحديث فيه بعضَ الشواهدِ التي تقوّيه، وكتمها (الهدَّام) -ولا أقول: جَهِلَها-، لأنَّ أحدَها أمامَه في مصدرٍ من المصادر التي عزا الحديث إليه! !
١٥٣ - "والمسلمون ينتظرون نُزول المسيح عيسى ابن مريم من السماء، وكَسْرَه الصليب. . . وخروجَ المهدي من أهل بيت النبوّة، يملأُ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا":
قلت: هو كما قال -رحمه اللَّه-، وهي عقيدةٌ تلَقَّاها الخَلَفُ عن السلف، مُدَعَّمَةٌ بعشرات الأحاديث الصحيحة في "الصحيحين" -وغيرهما من "السنن" و"المعاجم"-، ومع ذلك بيَّض (الهدَّام) لها، ولم يُخَرّج شيئًا منها، وغالب الظّن أنَّه لا يُؤمِن بها، ويُشكِّك في صحّتها، تبعًا لبعض ذوي الأهواء قديمًا وحديثًا! وإلّا؛ فلماذا يمرُّ على كلام المصنّف هذا، ولا يخرّج ولا حديثًا